مبادرات الأحياء: نقلة نوعية في مجال الحوار والتشارك مع السكان.
1 – تقديم عام لفلسفة مبادرات الأحياء بتيزنيت:
إن متطلبات توسيع مجال الحريات العامة في بداية القرن الواحد والعشرين تجعل السكان غير مقتصرين على التعبير بأصواتهم كل ست سنوات كدلالة على المشاركة السياسية . فالديمقراطية التمثيلية مدعوة أكثر من أي وقت مضى لتعزيز مصداقيتها بعناصر من الديمقراطية المشاركاتية: لأنها تكمل وتعزز وتقوي التمثيلية عن طريق الاقتراع، والتي تعتبر مصدر المصداقية الإنتخابية وسلطة القرار.
إن المبادرات المشاركاتية أو مبادرات الأحياء تعتبر إحدى الأدوات المتميزة لتعزيز سياسة القرب لأنها تساعدنا على الإجابة سويا على مجمل التساؤلات التي تشغل بالنا كسكان وكمستعملين للمجال العام ، ومنها:
كيف نحسن ظروف العيش والسكن والعمل بأحياءنا ؟
كيف نصنف الحاجيات ونؤسس للحلول ذات النفع العام ؟
كيف نطور العلاقات الاجتماعية وروابط التآزر بين السكان ؟
كيف نشرك السكان والجمعيات في اتخاذ القرارات؟
فمن أجل اختيار أفضل لسبل ووسائل التدخل الناجعة، يحتاج المنتخبون والموظفون والتقنيون الجماعيون لحوار هادئ وهادف وبناء مع السكان كيفما كان المستوى الذي تطرح فيه إشكاليات التنمية المحلية إن على صعيد الوحدة السكنية أو الحي أو مجموعة أحياء أو المدينة أو أوسع من ذلك.
فالحوار البناء يشجع على تبادل التجارب والتصورات والمدارك والمعارف. فكل منا يميزه واقعه المعاش وقدرته على الاستماع للآخرين، كما تميزه أفكاره ووجهات نظره التي لا تنتظر إلا مناخا ملائما للتعبير من أجل المصلحة العامة وتحسين ظروف عيش المواطنين من أجل توفير السكينة والنظافة.
2 - ا لمبادرات التشاركية (2004 – 2009):
ففي سياق تجربة الديمقراطية المشاركاتية يتوخى المجلس البلدي لمدينة تيزنيت السير في درب مبادرات الأحياء التي تشمل في مرحلتها الأولى ستة مجموعات من الأحياء.هذه الدينامية تطمح لجعل مشاركة السكان بشتى الأشكال في حياة أحيائهم السكنية وفي تصور ووضع السياسة الجماعية مرحلة أساسية في ممارسة الديمقراطية التمثيلية .
هذه المبادرات هي من جهة مبادرة للحكامة المجالية: لأنها تجعل من العلاقة القوية بين المنتخبين والسكان أساس العمل الجماعي ومبادرة سياسية من جهة أخرى لأنها تتوخى خلق مجال أمثل للتعبير وخصوصا للسكان المحرومين والمتواجدين خارج إطار الممارسة الديمقراطية التقليدية
ما المنتظر من مبادرات الأحياء؟
- أن تكون مجالا تجريبيا لممارسة سياسة القرب، وهو ما سيمكن المجلس البلدي من تجديد وتكييف وتعديل سياسته وقراراته وتطوير وسائل تدخله بأحياء المدينة.
- أن تصبح انطلاقا من الواقع المعاش لساكنة المدينة مجالا للحوار مع المجلس الجماعي حتى نطور أشكال مساهمة السكان في وضع البرامج الجماعية.
- أن تتطور إلى أداة لتجديد الخدمات العمومية المحلية بجعل الحاجيات الدقيقة والخاصة بحي أو بمجموعة أحياء معينة غير متناقضة بل مكملة للسياسة المجالية والاجتماعية العامة للمدينة ككل ، وجعل الإكراهات اليومية والآنية لتدبير أحياء المدينة معززة للتصورات المتوسطة والطويلة الأمد للتنمية المحلية المستديمة.
- أن تمكننا من تطوير طبيعة العلاقة بين المجلس والجمعيات من علاقة "مطلبية" إلى علاقة"شراكة" تعتمد الإعداد المشترك للملفات وللمشاريع ذات الصبغة المحلية وتبني أسس "الميزانية المشاركاتية" كمرحلة متقدمة لهذا المسار.
ولهذه المبادرات المشاركاتية كذلك بعد بيداغوجي لأنها تساهم في تطوير سلوكات المواطنة الإيجابية لدى الناخبين والمنتخبين على السواء. فالمستشارون الجماعيون يتعرفون عن قرب على وضعية الأحياء الاقتصادية والاجتماعية ويتقربون أكثر من السكان ومن انشغالاتهم اليومية، كما أنهم يؤطرونهم ويساعدونهم عــلـى الـمشاركة فـي صـــيــاغـة واتخاذ القرار، ومن تم دفع المصالح الخارجية للدولة ومختلف المتدخلين بالأحياء إلى الإنتباه أكثر لمطالب السكان.
أما جمعيات الأحياء، فالمبادرات المشاركاتية تساعدهم على التعبير بوضوح عن مشاغل السكان الأساسية وتحديد أولويات العمل بمجال ترابي معين بالمدينة، كما تمكنهم من ايصال ملاحظاتهم ومقترحاتهم للمسؤولين الجماعيين وللإدارة المعنية، وهذا يمكن الجمعيات من المساهمة في اتخاذ القرارات وتصور الحلول للإشكاليات المطروحة بالوحدات السكانية.
وعلى مستوى التدابير العملية لتفعيل هذه المبادرات، فقد نهج المجلس في سياسته التشاركية خطة تواصلية لدعوة كل فعاليات المدينة للعمل معه في اتجاه كل ما يهم تحسين ظروف عيش ساكنة المدينة وتوفير التجهيزات الاجتماعية اللآزمة لتحقيق هذا البرنامج الطموح، كما بادر المجلس لاقتراح إحداث ست مراكز سوسيوتربوية بمدينة تيزنيت في دورته العادية لشهر فبراير 2004 للمصادقة. كما عين مكتب المجلس السادة المستشارين وموظفي الجماعة المكلفين بالإشراف على مبادرات الأحياء كمرحلة تمهيدية خلال الفترة الانتدابية 2003 – 2009.
(تقرير حول العمليات المنجزة في إطار مبادرات الأحياء)
سنوات 2004 -2007 نموذجا
3 – تصور للمبادرات التشاركية (2009 – 2015):
وإيمانا بنجاعة وأهمية تجربة المبادرات التشاركية التي اعتمدتها بلدية تيزنيت خلال فترة 2004 - 2009 كخيار تنظيمي وكنهج جماعي يهدف بالأساس إلى تكريس سياسة القرب والانفتاح على ساكنة المدينة والتواصل الدائم معهم والاستماع لحاجياتهم وحل مشاكلهم بالتشاور والتشارك.
ورغبة في استكمال التجهيزات الضرورية بالأحياء الجديدة وخلق اندماج وعلاقة متميزة أساسها تنمية المدينة وبناء جماعة متضامنة، ينوي المجلس البلدي اعتماد مبادرات للأحياء في حلة جديدة كآلية تواصلية وكجسر للحوار ابتداء من سنة 2009.
وينقسم المجال الحضري إداريا إلى أربع ملحقات إدارية، وكل ملحقة إدارية تضم مبادرتين تشاركيتين، فالمدينة مقسمة الى 25 حيا سكنيا موزعين على 8 مبادرات تشاركية تحت الإشراف المباشر ل23 مستشارا جماعيا يساعدهم 16 تقنيا جماعيا
(انظر جدول تقسيم المهام برسم سنة 2009)
ومن المنتظر أن تخلق مبادرات الأحياء هاته انسجاما داخل أحياء المدينة وترسخ قيم التمدن وثقافة التضامن .ويبقى على المشرفين على كل مبادرة تشاركية إعداد تقارير دورية عن عملها وتشخيص الحاجيات وبلورة المقترحات.
وتعتمد المعايير المتبعة لوضع مقاربة مبادرات الأحياء بالأساس على سياسة القرب والتقسيم الإداري للملحقات الإدارية الأربعة وخلق انسجام ترابي بمختلف أحياء المدينة مع ضبط طريقة و آليات الأشتغال في إطار من المسؤولية والجدية خدمة للصالح العام.