مشاهدات
بيان تيزنيت : الملتقى الجهوي الثالث للسياسات الثقافية المحلية‎
17 January 2018 - 10:02

 

انعقدت الدورة الثالثة للملتقى الجهوي للسياسات الثقافية المحلية بمدينة تزنيت أيام 22 و 23 و 24 دجنبر 2017، في ضيافة الجماعة الترابية والمجلس الإقليمي لتيزنيت، حول محور: "سلاسل الإنتاج الثقافي بالجهة، من التشخيص إلى التثمين"، بحضور السلطات العمومية والمنتخبين وممثلي قطاعات الدولة ذات الصلة بالمجال الثقافي والفاعلين الثقافيين والمجتمع المدني، في جو من التعبئة والمسؤولية والوعي العميق بما تواجهه بلادنا وجهتنا من تحديات، في مجال التنمية بمختلف مستوياتها. وقد عبرت كل الأطراف، سواء خلال الكلمات الافتتاحية أو أثناء النقاش في فضاءات الملتقى، عن اقتناعها بالدور المحوري للثقافة في كل تخطيط تنموي يتوخى الشمولية والنجاعة والاستدامة. 
إن المشاركين في الملتقى، وهم يستحضرون مبادئ الميثاق الجهوي للتنمية الثقافية المصادق عليه في الملتقى الأول للسياسات الثقافية، يؤكدون إيمانهم بالدور الاستراتيجي المنوط ‏بالثقافة في كل برنامج تنموي متكامل، ويجددون التزامهم بالإسهام في تفعيل الأهداف الكبرى المسطرة في ‏الاستراتيجية الجهوية للتنمية الثقافية، وفق مبادئ الشراكة والتعاقد والمسؤولية. 
ويتفق المشاركون على أن جاذبية جهة سوس ماسة، ‏تقوم فضلا عن تنوعها الطبيعي والبشري، وتجذرها ‏التاريخي، على مدى جودة ثروتها الثقافية الموروثة ‏والمتجددة، ومدى الخدمات الثقافية التي تقدمها ‏لساكنتها وزوارها؛ وقدرتها على الاستجابة للحاجات الروحية لمواطنيها وضمان تمتعهم بحقوقهم الثقافية المكفولة دستوريا. كما يتفقون على أن تحسين جودة العرض ‏الثقافي الجهوي، أمر لا يتوقف فقط على الجهود الذاتية للعاملين ‏في الميدان الثقافي وحدهم، ولا يمكنه أن يتحقق من تلقاء ذاته، بل هو من صميم مسؤوليات ‏الدولة والهيئات المنتخبة، والمؤسسات العامة والخاصة ‏والمجتمع المدني والأفراد. ولذلك فهم يجددون التزامهم بالعمل المشترك من أجل ‏تقوية هذه الجاذبية الثقافية، لتعزيز فرص التنمية الجهوية، عبر سن سياسات ثقافية ترابية في كل أقاليم الجهة وجماعاتها.

ويتفق المشاركون، من جهة أخرى، على أن رهان التنمية ‏الثقافية ليس اقتصاديا فحسب، بل هو ايضا رهان على ‏القوة التي تمثلها الثقافة في عصر العولمة والتنافس ‏القائم على المعرفة والذكاء، الذي تعيشه الإنسانية ‏اليوم. ويعتبرون أن المجال الذي تمثله جهة سوس ‏ماسة، سيكون بالتأكيد أكثر جاذبية للطاقات الباحثة عن ‏التألق في مجالات الذكاء والمعرفة إذا وفرت له سبل الازدهار الثقافي المتكامل.
وإيمانا من المشاركين بهذه المبادئ، فإنهم يلحون على ضرورة التعامل مع الثقافة كأداة ‏مهيكلة للإنسان والمجال، ومرسخة لقيم المواطنة ‏المبنية على التنمية الشاملة المستدامة. ‏ ويعلنون التزامهم، كل في مجال اختصاصه، بالعمل على تفعيل توصيات ومخرجات هذا الملتقى الجهوي، متطلعين إلى أن تكون هذه المحطة فارقة في مجال الإدراج الفعلي للثقافة في صلب الرؤية التنموية للجهة، ويحملون مجلس الجهة أمانة السهر على اتخاذ الخطوات الملائمة من أجل بلوغ هذه الغاية، مجددين استعدادهم للعمل المشترك لتحقيق ذلك.

إن المشاركين في الملتقى، وهم يستحضرون كل المحطات التي مر منها نضال الفاعلين الثقافيين بالجهة، ليؤكدون أن النجاح في كسب رهان هذه المعركة منوط بالتثمين الفعلي والملموس لدور كل القوى الحية في المجتمع، وفي طليعتها القوى العاملة في مجال الثقافة. والرغبة الأكيدة التي تتملك كل المشاركين في الملتقى، في أن تحتل بلادنا موقعا مشرفا في سلم مؤشرات التنمية البشرية على الصعيد الدولي، فضلا عن وعيهم العميق، أفرادا ومؤسسات، بضرورة بذل مزيد من الجهد قصد التصدي لمناحي التأخر التي راكمتها سنوات من التسيير العشوائي وانعدام الحكامة، وجهودهم الصادقة للخروج من نفق التخلف، لا يمكن أن تسمح لهم بالاستمرار في تجاهل الدور الطليعي الذي يلعبه القطاع الثقافي في رهاناتنا التنموية الشاملة. ويدعوهم إلى الانكباب، ودون تأخير على ورش الإصلاحات الكبرى التي طال انتظارها في هذا القطاع.

والملتقى الذي ظل، منذ انطلاق دورته الأولى، محفلا للتفكير الإيجابي المستمر في سبل تطوير المهن الثقافية، وهو ينعقد في هذه الدورة بتزنيت، الحاضرة الثقافية الواعدة والمتميزة، أخذا بعين الاعتبار كل ما سبق، يدعو اليوم إلى إقرار خطة جهوية لتأهيل القطاع الثقافي واضحة البرامج والعمليات، تتضافر جهود كل المنتخبين والفاعلين الثقافيين من أجل البحث لها عن التمويل الضروري والمرافعة من أجلها لدى الدولة والشركاء الاقتصاديين وشركاء الجهة في التعاون الدولي بشكل يؤهل جهتنا للقيام بدورها كحلقة وصل بين شمال المغرب وجنوبه، وكرافعة لسياسة المغرب الإفريقية والإقليمية. ولن يتأتى الاضطلاع بهذه الأدوار على وجهها الأكمل دون تبني سياسة إرادية، متكاملة ومندمجة، تستجيب لخصوصيات القطاع، وتأخذ بعين الاعتبار الطبيعة المتميزة لثروته الرمزية التي لا يمكن تقديرها بالمؤشرات الكمية وحدها.

إن المشاركين في الملتقى، الواعين بضرورة التأهيل الذاتي لقطاعهم، وتعزيز فرص الاندماج الناجع في هذا المسلسل، يؤكدون على وجه الخصوص حرصهم على جعل التمتع بالحقوق الثقافية كلا لا ينفصم، وسندا لا رجعة فيه للبناء الديمقراطي التعددي التضامني بين كل أفراد المجتمع إناثا وذكورا على قدم المساواة، وفي كل مناطق الجهة دون تمييز.